((يقول: لسنا أبناء الحرب القليلة الدر اليسيرة الأذى والشر التي لم يكتثر موقدها, ولم يتشمر لها خطابها ومولدوها, ولكننا بنو المناقلات الشديدة الهياج والوقعات الصعبة المراس)) وهذا تفسير جيد لمعنى جيد لمعنى البيت انتقل المرزوقي بعده ليقول: ((وقد اضطرب بعض المفسرين في هذا البيت فأتى بما يحجبه السمع ولا يعيه القلب فقال: المعنى لسنا بعقم لم يكثر أولادنا فينا الكثرة والعز وقوله: ((بنو جد النقال)) يعني به المناقلة في الكلام, يريد أنهم خطباء قال: فالمصراع الثاني ليس من الأول في شيء, وإذا كان كذلك فكأن أبا تمام ذكر البيت على رداءته ليتجنب قول مثله ولينبه على المترذل منه كما نبه على المختار المستحسن بغيره ((ثم عقب على العبارة الأخيرة بقوله: ((هذا القائل لم يرض بذهابه عن الصواب حتى ظن بأبي تمام ما لم يخطر له ببال)).
هـ- أسلوبه في عرض المعنى:
وأما أسلوبه في عرض معاني النصوص فيتصف- كما قال الدكتور العمري- بالوضوح والقوة والجمال, وهي صفات الأسلوب الأدبي الذي سلكه أصحاب المنهج الإبداعي, ففيه إرادة الإفهام, وفيه التأثير في عقول المتلقين ووجداناتهم, وفيه الإمتاع المشع من نظم الكلام ورصفه رصفًا يدل على اختيار الألفاظ وأحكام صوغ الجمل.
ولا شك أن الوضوح هي أهم الصفات التي سادت أسلوب المرزوقي, ذلك لأن وضوح العبارة وجلاء التفسير يعدان مطلبًا أساسيًا لكل من يتصدى لشرح الشعر القديم, ومن هنا كان وضوح العبارة الصفة المشتركة لدى سائر الشراح على مختلف مناهجهم, غير أن هذا الوضوح عند المرزوقي وغيره من الإبداعيين لا يأتي وحده, وإنما تأتي معه القوة, ويأتي معه الجمال, وكلاهما يشكل فارقًا في الأسلوب بين الإبداعيين وغيرهم من ذوي المناهج الأخرى.