وجدنا أبانا حل في المجد بيته وأعيا رجالا آخرين مطالعه
فقد وقف المرزوقي عند عبارة ((حل في المجد بيته)) قال: ((البيت لا يحل ولكنه يحل فيه, ولكنه رمى بالكلام على السعة والمجاز لأن المعنى لا يختل, ويقولون فلان عالي المكان لأنه إذا علا مكانه علا هو)).
ومن ذلك أيضًا إشارته التي وردت في بيت الحصين بن الحمام وهو:
ولما رأيت الود ليس بنافعي عمدت إلى الأمر الذي كان أحزما
قال: جعل الحزم للأمر كما جعل له العزم في قوله تعالى: ((فإذا عزم الأمر)) فكل مجاز واتساع.
هذا فيما يتصل بعلم البيان, أما علم المعاني فإن عمله فيه كان واضحًا في مواضع متعددة من شرحه, وبخاصة في كشفه لأساليب الشعراء وبيان وسائل التعبير التي استخدموها لأداء المعاني, وأظهر ما يكون ذلك وقفاته المتكررة عند خروج الكلام عن مقتضى الظاهر في مجالي الإنشاء والخبر, ففي مجال الإنشاء نجده يقف عند وسائل التعبير في الاستفهام والنهي والأمر, ويدل على خروجها عن مقتضى الظاهر وفق الأغراض التي رمي إليها الشعراء. ومن أمثلة ذلك قول عويف القوافي لما حبس الحجاج بن يوسف عيينة بن أسماء قال:
أم من يهين لنا كرائم ماله ولنا إذا عدنا إليه معاد
نظر المرزوقي إلى ما فيه من استفهام فقال:((والاستفهام دخل في الكلام على طريق التوجع والتلهف لما جرى على عيينة المذكور)).