قال المرزوقي مبينًا ما فيه من إيجاز بالحذف:((في هذا الكلام اختصار كأنه قال: ابتدروه بالسيوف وضربوه حتى سقط, فحذف ضربوه)).
أما الأطناب فإن عمله فيه أكثر اتساعًا من عمله في الإيجاز, ومن أمثلته وقوفه في بيت أبي صخر الهذلي الذي جاء في رائيته في الغزل وهو:
أما والذي أبكى وأضحك والذي أمات وأحيا والذي أمره الأمر
فقد قال فيه:((تكربره للذي ليس بتكثير للأقسام لأن اليمين يمين واحدة بدلالة أن لها جوابًا واحدًا, ولو كانت أيمانًا مختلفة لوجب أن يكون لها أجوبة مختلفة, وفائدة التكرير التفخيم والتهويل)) ولم يكتف بذلك في بيان غرض الأطناب بل فأتى بنظير من القرآن الكريم قال: ((وما في القرآن الكريم من قوله: ((والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى)) مثله, ثم رجع إلى بيان قيمة البيت فنيًا:((على أن ما في البيت من اختلاف الأفعال الداخلة في الصلات جعل الكلام أحسن والتفخيم أبلغ)).
ومثل ذلك أيضًا قول شهل بن شيبان:
مشينا مشية الليث غدا والليث غضبان
قال فيه:((كرر الليث ولم يأت بضميره تفخمًا وتهويلًا)) ثم فضل الحديث فقال: وهم (أي العرب) يفعلون ذلك في أسماء الأجناس والأعلام قال عدي:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغض الموت ذا الغني والفقيرا
ومثلما جال المرزوقي في علم البيان وألوانه وعلم المعاني وألوانه كانت له جولة في علم البديع, غير أن جولته فيه كانت محدودة بالقياس إلى عمله في البيان والمعاني, فنحن بتتبعنا لشرحه لم نجد له سوى أشارات تتصل بمحسنات الكلام