كذلك كانت له بعض الإشارات في الجناس اللفظي, وذلك مثل وقفته التي وقفها في بيت دريد بن الصمة الذي يقول فيه واصفًا أخاه عبد الله الذي أبنه بقصيدة منها هذا البيت:
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه ... فلما علاه قال للباطل ابعد
قال:((يجوز أن صبا الأول من الصبا واللهو وصبا الثاني من الصباء بمعنى الفتاء ... ويجوز أن يكون المعنى تعاطي الصبا ما تعاطاه إلى أن علاه المشيب, فيسقط التجنيس من البيت وهو يحسن به)).
ومن ذلك إشارته إلى التجنيس الناقص في بيت الغزل الذي نسب لآخر وهو:
شيب أيام الفراق مفارقي وانشزن نفسي فوق حيث تكون
قال: وقوله: ((أيام الفراق مفارقي)) يسمى التجنيس الناقص)).
ونراه في موضع آخر يهتم بتأكيد المدح بما يشبه الذم, وذلك في بيتي النابغة الجعدي وهما:
فتًى كان فيه ما يسر صديقه على أن فيه ما يسر الأعاديا
فتًى كملت خيراته غير أنه جواد فلا يبقي من المال باقيا
قال: وقد تجلت حاسته الفنية في تحليله: ((وإذا تأملت وجدت البيت الثاني مثل البيت الأول في أنه اتبع ثناء بثناء, وأردف مديحًا بمديح, فعجز كل واحد منهما يؤكد صدره ويزيده مبالغة معنى وتظاهر مبدأ ومنتهى, ومثلهما بيت النابغة: