للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يجوز ميله أن ينحو به التغير إلى أن يحور عن السبعة إلى الثلاثة، وإنما غاية ذلك أن يصير إلى الأربعة نحو ((فعلن)) في ((فاعلاتن))، وفي ((مفعولات)) وفي ((متفاعلن)).

هذا ما بينه ابن جني في خروج الشعر عن علل الخليل، ولم يكتف بذلك بل علل لماذا لم يشر إليه الخليل؟ فقال: ((وكأن الخليل لم يومئ في هذه القطعة على شيء لما في هذا الجزء من البناء هي في العلة، ولأن هذه القطعة في ديوان القبيلة إنما هي ((إن شواء وان نشوة)) بإعادة إن، فلما تعاظمه اضطراب هذا البيت وخالف بقية الأبيات ضرب صفحًا عن الجميع)) ثم مضى في أسلوب جدلي يوضح لماذا لم يجز أن يحور الشاعر في ميله عن السبعة إلى الثلاثة. قال: ((فان قلت ألا تعلم أن فعولن في المتقارب قد صار إلى ((فل)) واثنان من خمسة أقل من ثلاثة من سبعة، فهلا جاز في (مس تف علن) أن تصير إلى ((فعل)) قيل: الفرق أن ((فعولن)) ((لما صار إلى ((فل)) فإنما لحقه الحذف ثم القطع، وهنا له نظير نحو ((فاعلاتن)) لما صارت إلى ((فعلن)) وأما ((مس تف علن)) فإذا صارت إلى ((فعل)) فقد فعلت ما لا نظير له، وذلك أنك حذفت الوتد وحذفت أيضًا سين (مس تف علن) فبقي ((فعل: متف)) وهذا لا نظير له)).

والذي يفهم من عمل ابن جني في العروض أنه لا يهتم بالوزن وأثره في أداء المعنى وتوافقه مع الجو النفسي الذي يصحب الشعر في أغراضه المختلفة، بل همه إيضاح ما وقع فيه الشعراء من أخطاء، أو ما يثير خلافًا في نظره، ففي قطعة ابن السلماني التي يقول فيها:

لو أن صدور المر يبدون للفتى كأعقابه لم تلفه يتندم

إذا الأرض لم تجهل علي فروجها وإذ لي عن دار الهوان مراغم

<<  <   >  >>