واستيعابه لكل ما أثاره أبو الحسن الأخفش في تتبعه للخليل في هذا العلم، وربط ذلك بعمله في الشعر المختار في الحماسة.
٣ - الرواية:
ناقش ابن جني الرواية في ((التنبيه)) غير أن طريقه غير طريق أصحاب المنهج الأدبي الابداعي، فقد رأينا الابداعيين في تطبيق المرزوقي يناقشون الرواية من وجه مختلفة، أما ابن جني فقد كان ينظر إلى الرواية من جهة اللغة والإعراب فقط، ولا يقف عندها إلا إذا كانت ذات معضلة لغوية تعوز الشرح أو مشكلة إعرابية تحتاج إلى تأويل وإيضاح. ففي البيت الذي نسبه الى العباس بن مرداس جاءت روايته له على النحو التالي:
ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد مزير
وقال:((رويت هذا البيت عن محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال: أظن ذلك مزير، هكذا بالميم قال وهو الماضي الندب)) ثم أشار لى رواية أبي تمام للبيت فقال: ((غير أن الذي رواه أبو تمام ((يزير)) ومضى يشرحها من جهة اللغة فقال: ((قياسه في العربية أنه على تخفيف الهمزة على قول من قال في المرأة والكمأة: المرأة والكماة، ثم ناقشها صرفيًا فوضح أن أصل الفعل ((يزئر))، نقلت الكرة فيه إلى الزاي، ثم أبدت الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فصارت ((يزير)) وعليه قال بعضهم في يسأل يسال))، ونراه في موضع آخر ينظر الى الرواية من حيث صحتها ووضوح وجه الإعراب فيها، وذلك في بيتي أبي الربيس الثعلبي، وقد جاءت روايته لهما كما يلي: