للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هل تبلغني أم حرب وتقذفن على طرٍب بيوت هٍم أقاتله

مبينة عتٍق حسًن خٍذ ومرفقًا به جنف أن يعرك الدف شاغله

قال: ((هكذا صحة الرواية في هذين البيتين، وكذلك وجدناهما بخط أبي موسى في ديوان أبي الربيس، فأما ما يروى غير هذا من قوله:

هل تبلغني أم عمرٍو وتربها على عجٍل بيوت هٍم أقاتله

ففاسد، وذلك أنه تبقى بيوت هم مرفوعًا لا رفع له إلا أن تبعد المذهب في التأول له فتعتقد فيه حذف المضاف أي ذات بيوت هم أي ناقة ذات ذي بيوت أي ناقة ذات رجل في صدره بيوت هم فتحذف مضافًا بعد مضاف، وذلك وإن كان قد جاء فمثله قليل منه قوله سبحانه: ((فقبضت قبضة من أثر الرسول)) أي من أثر حافر دابة الرسول، ومنه مسألة الكتاب ((أنت مني فرسخان)) أي أنت مسافة فرسخين، وفي هذا تعسف لم تدع ضرورة إليه)).

فأنت تراه في هذين المثلين يهتم في الرواية بالنواحي اللغوية والصرفية والإعرابية، ولا ينظر إلى وضع الرواية من حيث المعنى أو من حيث توافقها مع السياق أو جريانها في كلام العرب، إلى غير ذلك من الأمور التي كان ينظر إليها المرزوقي بمنهجه الأدبي الإبداعي.

غير أن الظاهرة الجديرة بالتسجيل في عمل ابن جني في الرواية هو حرصه الدائم على ذكر مصادر الرواية التي يختارها، ولعلك لحظت ذلك في مناقشتنا للمرزوقي في رده روايات ابن جني، فابن جني يأخذ رواياته من دواوين الشعراء أو أفواه العلماء، وهذا واضح في المثلين السابقين وفي غيرها من كتاب التنبيه.

وأن كان ثمة ما يقال في عمله في الرواية فهو أنه في بعض الأحيان كان يختار الرواية التي تثير قضية، فبيت أبي الغول الطهوي الوارد في صدر القطعة الثالثة من باب الحماسة روي من الشراح روايتين إحداهما:

<<  <   >  >>