وكذلك نراه ينظر إلي القياس والاشتقاق معاً في لفظة القاع الواردة في قول بعض القرشيين هو:
بينما نحن بالبلاكث فالقاع سراعاً والعيس تهوي هوياً
قال:"ألف القاع بدل ما واو قياساً واشتقاقاً فأما القياس فلأنها عين، وأما الاشتقاق فلقولهم في تكسيره أقراع، وأما قيعان وقيعة فلا دليل منه لسكون العين مكسوراً ما قبلها".
وهكذا نري أن ابن جني كان ينظر إلي الألفاظ نظرة جزئية في النص، وأن عمله اللغوي قد تركز علي القياس والاشتقاق مع جنوح إلي طريقة جدلية يلجأ إليها لبيان أصول العربية وأسرارها، ومن ثم جاء عمله اللغوي في التنبيه جامعاً لفوائد جمة ولطائف نادرة بغض النظر عما ينبغي تحقيقه من عناصر الشرح وتفسير ألفاظ النص وتراكيبه قصداً إلي إبراز معناه.
وما يمكن قوله في عمله اللغوي يمكن ان يقال في عمله النحوي، فقد لاحظنا فيه عدة جوانب تتصل بنظرته الجزئية للأعراب ومعالجاته النحوية في نصوص الحماسة، وأهم هذه الجوانب يمكن تلخيصها في الأتي:
أإثارته للقضايا ظاهرة الأشكال في مسائل الإعراب أو القضايا التي تبدو جلية، ولكنها تخفي وراءها الغامض من المسائل.
ب تتبعه الدائم للخلاف بين سيبوبه وأبي الحسن الأخفش في جملة من المسائل التي خالف فيها الأخفش جمهرة النحاة.
ت تنويهه المستمر بأن الأعراب قد يجيء مخالفاً للمعني.
ث اعتماده الواضح علي القياس في طرح المسائل الأعرابية.
ففي الجانب الأول نراه يركز جهوده علي نواح جزئية في النص مثيراً من خلالها