قضايا الإعراب وقواعد النحو ولا يربط ما يثيره بالنص، وإنما همه إثارة المشكلة فحسب، ظاهرة كانت أو خفية، مثال ذلك ما جاء عنه في بيت عامر بن الطفيل الذي يقول فيه:
أكر عليهم دعلجاً ولبانه ... إذا ما اشتكي وقع الرماح تحمحماً
فقد روي "لبانه" بالنصب، وهذا مخالف لما مر بنا عن الإمام المرزوقي الذي اعتمد رواية "ولبانه" بالرفع وقال عن رواية النصب إن صاحبها "فر من أن يكون الأشتكاء والتحمحم علي كثرة نسبة الأشتكاء إلي الأعضاء الألمة فوقع فيما هو أقبح لأن المراد أكر عليهم فرسي فلا معني لعطف اللبان عليه". أما ابن جني فحين أثبت روايته نظر إلي ما أثارته الرواية من قضية تتصل بأحدي القواعد في العطف قال:"لبانه بعضه وإذا كر عليهم فرسه فقد دخل لبانه في جملته فكيف إذا جاز عطف البعض علي الكل الداخل فيه بعضه، وأنت لا تقول أحذت العشرة وثلاثتها ونحو ذلك، والجواب أنه أنما أعاد ذكر اللبان لعظم قدر في نفسه ولآن الذكر بصدره والأنثى بعجزها فلماً فخمه وعظم أمره أعاد ذكره تنويهاً به، ومثله قول الله سبحانه:{مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} فأفردهما صلي الله عليهما بالذكر مخصوصين به وأن كانا داخلين في جملة الملائكة المقدم ذكرهم"
فأذن علي ما يبدو من كلام أبي الفتح إن ثمة معني في عطف اللبان علي الفرس وليس الأمر كما تصوره المرزوقي، وهذا الذي أبنه أبو الفتح إنما يدخل في باب المعاني من البلاغة وهو لون من ألوان الأطناب الذي يأتي في الكلام بقائدة ويسميه البلاغيون عطف الخاص بعد العام، غير أن أبا الفتح لم ينظر إليه من وجهة