للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

البلاغة، وإنما نظر أليه من وجهة النحو باعتبار أنه من باب عطف البعض علي الكل الداخل فيه، وهي قضية تمس الأعراب وتمس المعني أيضاً.

وهو بجانب هذه القضايا الأعرابية التي تتصل بقواعد النحو كان يقف أحياناً عند أوجه الأعراب إذا تحقق لأعراب التركيب أكثر من وجه ففي بيت سعد بن ناشب الذي يقول فيه:

وقف أبو الفتح في إعراب"صاحباً" وعدد أوجه الإعراب فيه فقال: "أن شئت نصبت صاحباً علي أنه مفعول به، ونصبت قائم السيف علي الاستثناء أي لم يرض صاحباً إلا قائم السيف، كقولك: لم أر زيداً أحداً أي لم أر أحداً ألا زيداً". هذا وجه ووجه آخر ذكره فقال: "وإن شئت نصبت قائم السيف نصب المفعول به وجعلت صاحباً حالاً منه كقولك: لم أضرب إلا زيداً قائماً أي لم أضرب أحداً زيداً في حال قيامه" ثم نبه إلي أمر يدخل في قواعد إعراب البدل فقال: "ومن نصب زيداً في قولك ما رأيت أحداً إلا زيداً علي البدل لم ينصب قائم السيف في القول الأول إلا علي الاستثناء المقدم دون البدل، وذلك لتقدمه علي صاحب، والبدل لا يجوز تقديمه علي المبدل منه".

ويعد الجانب الثاني أظهر ما يجده القارئ في التنبيه، فكثيراً ما كان ابن جني ينظر في عمله في الحماسة إلي اختلاف بين سيبويه وأبي الحسن الأخفش، وذلك من خلال رؤيته للشعر الوارد والبحث فيه عما يدعم قول أحد الرجلين في المسائل النحوية التي قام خلاف فيها بينهما، والأمثلة علي ذلك مترددة في صفحات "التنبيه" يرجح تارة رأي سيبويه وتارة رأي أبي الحسن، لأن ظاهر النص الذي أمامه يدعم هذا أو ذاك، فبيت بلغاء بن قيس الكتاني الذي يوقل فيه:

وفارس في غمار الموت منغمس إذا تألي علي مكروهة صدقاً

<<  <   >  >>