للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حذف المضاف إليه فيقول: "والأول أعلي معني".

وفي بيت عبد الله بن أوفي الخزاعي:

فبئست فعاد الفتي وحدها ويئست موفية الأربع

نراه يوضح مجيء "فعاد الفتي" تمييزاً وأن كان معرفة وذلك بقوله: "أن تعريف الجنس لا يخص واحداً بعينه فضارع شياعة النكرة" ثم أورد معني البيت في كلمات قال: "ومعني البيت أنها أن انفردت بزوجها فهي مذمومة وكذلك إن كان معها ثلاث نسوة تكن بها أربعاً"، ثم أورد بيتاً يدعم به هذا المعني قال: "وكان الأصمعي يلقي علي أصحابه:

واحدة أعضلكم شأنها ... كيف إذا قمت علي أربع

أي لو تزوجت أربع نسوة".

والحق أن عمل ابن جني في المعاني حتى ما ينعقد منها الإعراب يعد ضئيلاً جداً، وإذا كان منهج الرجل يقوم في الأصل علي إثارة القضايا العلمية التي تتصل باللغة والإعراب، فمن الطبيعي ألا نجد له شيئاً يذكر في عنصر المعاني.

٦ - البلاغة والنقد:

وإذا كانت المعاني ليست من همه فأن البلاغة أيضاً ليست من همه، لأن الشارح يلجأ إلي البلاغة في الشرح لإبراز جمال معاني الشعر ومرامي الشعراء في أداء العبارات ولم يكن هذا من عمل ابن جني، بل أننا لاحظنا أنه إذا كان في النص لون بلاغي فأنه ينظر إلي هذا اللون من وجهة نحوية لا من وجهة بلاغية مثال ذلك أسلوب تأكيد المدح بما يشبه الذم الذي ورد في بيت النابغة الجعدي:

فني كملت أخلاقه غير أنه ... جواد فما يبقي من المال باقياً

كان موقف ابن جني نحوياً بحتاً، نقل أولاً قولاً لأبن الأعرابي عن ثعلب أنه- أي ابن الأعرابي- لما أنشد قول النابغة:

<<  <   >  >>