للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بيت أرطاة بن سهية "والصواب ما أنشدناه أبو الندي -رحمه الله- ثم وجدته بعده بخط إسحق الأعرابي أخي أبي عبد الله".

ومع ما ذكرناه فأن تتبع أبي محمد الأعرابي للرواية في شرح النمري قد دل علي نواح فيها وجه من القبول والاستحسان، ومن ذلك ما باء عنه في بيت الحماسة القائل:

بيض مفارقنا تغلي مراجلنا نأسو بأموالنا أثار أيدينا

فقد فسر أبو عبدالله معني قوله "بيض مفارقنا" بأن المراد لا دنس فسنا، والعرب كلها سمر فإذا وصفوا بالبياض فإنما يراد به النقاء والطهارة، فقال أبو محمد الأعرابي أنه سأل شيخه أبا الندي عن معني "بيض مفارقنا تغلي مراجلنا" قال: "هذه رواية ضعيفة فإن بيض المفارق قرع، ومرجل الحائك يغلي كما يغلي مرجل الملك. قال: والرواية الصحيحة شعث مقاذفنا نهب مراجلنا" ومعناه أننا أصحاب حروب وقري" وهي رواية تتفق مع ما جاء في الشطرة الثانية، وفي رأينا أنها أدل وأقوي في المعني من رواية بيض مفارقنا التي ذهب بعض الشراح في تفسيرها مذهباً فجاً حيث فسرها بأنهم يستعملون الطيب ولذا ابيضت مفارقهم، وهو معني بعيد عن الجو العام للقصيدة التي بنيت علي الفخر بالشجاعة والكرم.

وفي تصورنا أن أبا محمد العرابي قد أفاد من شيخه أبي الندي في عمله التبعي لرواية أبي عبد الله النمري، ولكن الأمر لا يعدون أن يكون مجرد اختلاف في الرواية يقع عادة بسبب اختلاف المصادر التي أخذ العلماء منها الشعر، وبخاصة بالنسبة لأبي الندي الذي ذكرت المصادر أنه كان يخرج إلي البادية ويأخذ علمه وروايته منها، وهي روايات لا تقاس بما محصه العلماء الأوائل الذين خلفوا ما محصوه في كتب ودواوين اختار منها أبو تمام حماسته.

<<  <   >  >>