للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التبريزي من أقوال هؤلاء الشراح، والأمثلة على ذلك كثيرة. انظر مثلًا إلى عمل التبريزي في بيت المثلم بن رياح المري الذي يقول فيه:

سأكفيك جنبي وضعه ووساده وأغضب إن لم تعط بالحق أشجعا

وكان المثلم قد قال قبله في رواية أبي تمام:

من مبلٌغ عني سنانًا رسالًة وشجنة أن قوما خذا الحق أودعا

فنقل التبريزي عن المرزوقي قوله: "ويغلب في نفسي أن الشاعر قال: "وأغضب إن لم تعطيا الحق أشجعا" لأنه بنى الرسالة على أن تكون متوجهة نحو اثنين سنان وشجنة، ومخاطبته من بعد أحدهما في قوله "سأكفيك" على عادتهم في الافتنان والتصرف ولا يمنع من رجوعه إلى ما بنى كلامه عليه من ذكر الاثنين، وهذا ظاهر لمن تأمله".

وهذا اجتهاد من المرزوقي لك أن تقبله أو ترفضه لأنه مبني على غلبة الظن، وغلبة الظن في الرواية تحتاج إلى الرجوع إلى ديوان الشاعر، وليس إلى هذا من سبيل، هذا فضلًا عن أن المرزوقي لم يعتمده هذه الرواية في متنه، وهذا يضعف اجتهاده، إذ لو كان مقتنعًا به لأثبته في متنه.

هذا ما يقال في عمل المرزوقي، والأمر إلى هنا واضح جلي أن للبيت روايتين: أولى أثبتها المرزوقي في متنه وثانية قال: بأن غلبة ظنه تدفعه إلى القول بأن الشاعر قالها. ولكن التبريزي- وهو يثبت رواية المرزوقي الأولى في متنه ويورد هذا القول عن المرزوقي في الرواية الثانية- ينقل لنا في الموضع ذاته قولًا لأبي هلال العسكري جاء فيه "قوله إن لم تعط بالحق أشجعا، تصحيف قبيح، والصحيح" وأغضب إن لم يغضب الحق أشجعا" يقول: سأكفيك أمري كله لا أحملك شيئًا وأغضب لك ولحقك إن لم يغضب له أشجع".

<<  <   >  >>