للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهو وإن لم يبين وجه الحسن فيه فإنه على أية حال يعد الموقف الوحيد الذي أبدى فيه رأيًا في هذا العنصر، أما باقي عمله فيه فقد كان ناقلًا سلبيًا في إيراده الآراء المتضاربة التي جمعها من الشروح المكونة لمادة شرحه.

وإذا كنا قد حكمنا بسلبية الرجل في عمله المتصل بالرواية وذهبنا من قبل إلى أن عمله الذي رأيناه منه في تجميع الأقوال التي يناقض بعضها بعضًا وتسجيلها في موضع واحد أمر يزعج القارئ والدارس معًا ويجعلهما في موقف الاضطراب والحيرة، فإن هذا لا ينبغي أن ينسينا ما سجلناه سابقًا عنه، إنه لم يكن مبدعًا في عمله بقدر ما كان جامعًا ناقلًا منتخبًا، وحسب الرجل أن يحقق هذا في شرحه وأن يترك لقارئه أو دارسه فرصة أن يختار من هذا التضارب والتناقض ما يرضي عقله وذوقه وفق معطياته الثقافية ومكنته في العمل والدراسة، وهذا بطبيعة الحال يضع قارئه أو دارسه في موقف عسير، لأن الرجال الذين كان ينقل عنهم- وعلى رأسهم أبو رياش وأبو هلال والمرزوقي وابن جني وأبو العلاء، رجال لهم وزنهم ومكانتهم في شرح الشعر وفهم لغته والخبرة الوافية بأساليب العرب فيه، ولا يعني هذا أنهم لا يخطئون في التأويل، فقد ثبت لنا ذلك عند بعضهم، ولكن أن ترجح رأي أحد منهم على الآخر في مسألة الرواية يحتاج إلى دليل مادي، يتمثل في الأصول التي اختار منها أبو تمام هذا الشعر، وأني لنا بهذه الأصول؟ . إذا كنا عاجزين عن أن نعثر على نسخة أصلية من عمل أبي تمام فهل نطمع في أن نعثر على أصول اختياره؟ بل إذا كنا عاجزين عن الحصول على جميع الشروح التي كان التبريزي ينتخب منها شرحه فهل يتيسر لنا أن نحصل على اختيار أبي تمام الأصلي أو على الأصول التي اعتمد عليها في اختياره.

و- شرح الألفاظ والتراكيب:

هذا العنصر ليس للتبريزي عمل ذاتي فيه سوى أنه قد أفاد من أعمال السابقين في مجال اللغة والنحو في شرح الألفاظ والتراكيب، وإذا كان له فضل عمل في هذا العنصر فإنه قد استطاع من خلال انتخابه أن يحقق توسعًا في الشرح اللغوي سواء في ذلك شرح الألفاظ أو التراكيب، وذلك أن هؤلاء العلماء الذين كان ينتخب من

<<  <   >  >>