للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أي إنهم يعقرونها كثيرًا، فكأن ذلك ظلم لها، ونحو منه قول الآخر:

قتيلان لا تبكي المخاض عليهما إذا شبعت من قرمٍل وأفاني

أي كانا يعقرانها فلما قتلا لم تبك عليهما". أورد التبريزي قول أبي العلاء هذا ثم عقب عليه بقوله: "فلا تعدلن عما ذكره أبو العلاء إلى غيره".

ولقد رأينا في صدر كلام المرزوقي أنه يذهب في معنى "هلالان" إلى أن الممدوحين في الاشتهار بمنزلة هلالين فنقل التبريزي في الموضع ذاته قول أبي محمد الأعرابي الذي جاء فيه "سألت أبا الندى عن قوله "هلالان" من هما؟ فقال: هما مرداس وعامر ابن شماس بن لأي من بني أنف الناقة، أمهما من بني العنبر وهما خالا موسى بن جابر الحنفي" فعقب التبريزي على هذا بقوله: "وهذا خلاف ما ذكره المرزوقي".

فانظر أي فائدة يحصل عليها القارئ من هذا العمل الانتخابي الذي لم يخل من تدخل التبريزي، وهذا الموضع من المواضع النادرة في شرحه التي كان يبدي فيها رأيًا حول ما ينتخبه في شرحه، أما جل المواضع الأخرى فقد كان انتخابه فيها مثل انتخابه الذي رأيناه في عنصر الرواية، إيراد للأقوال والآراء دون مفاضلة أو اختيار، وذلك مثل عمله في بيت الحماسة الذي نسبه أبو تمام لبعض بني فقعس وهو:

كيما أعدهم لأبعد منهم ولقد يجاء إلى ذوي الأحقاد

فقد نقل أولًا قول المرزوقي في معنى البيت دون عزو وهو: "أي قد يضطر الإنسان إلى نصرة بني الأعمام وإن كانوا منطوين على ضغائن، وهذا كما قيل لبعض حكماء العرب، ما تقول في العم وابن العم؟ قال: عدوك وعدو عدوك". ثم قال معنى آخر لأبي هلال قال: "وقال أبو هلال: يقول: ربما يضطر الإنسان أعدائه في بعض الأمور، ومثله قول الآخر:

<<  <   >  >>