للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإني لأستبقى امرأ السوء عدًة لعدوة عريٍض من الناس جانب

أخاف كلاب الأبعدين ونبحها إذا لم يجاوبها كلاب الأقارب

ثم شفع ذلك بنقل ثالث لأبي عبد الله النمري في معنى جزء من البيت وهو "لأبعد منهم" قال: وقال النمري: لأبعد منهم أي لمن هو أبعد عداوة منهم، أي أشد، من قوله عز وجل: "وضلوا ضلالًا بعيدًا". ثم أردفه باعتراض أبي محمد الأعرابي على هذا المعنى قال: "وقال أبو محمد الأعرابي: غلط- أي النمري- في قوله لأبعد عداوة منهم، وإنما هو لأبعد قرابة منهم".

فأنت ترى أنه يورد هذه الأقوال- وهي مختلفة مناقضة بعضها بعضًا- بدون أن يتدخل فيها بالرأي لبيان أي من هذه الأقوال وافق الصواب وأي لم يوافقه.

هذه هي العناصر التي رأينا فيها لدى التبريزي عملًا انتخابيًا يحقق المنهج الذي سلكه، أما عنصر البلاغة والنقد فإن عمله فيه كان مقصورًا على النقل عن المرزوقي وعن أبي هلال، كان ينقل عن المرزوقي آراءه في الألوان البلاغية التي تعرض له في نصوص الحماسة، وينقل عن أبي هلال لمحاته النقدية التي كان يراها في الأبيات المختارة في الحماسة، ولهذا فإن من التكرار أن نتعرض بالدراسة لهذا العنصر عنده لأن عمل المرزوقي في البلاغة قد درسناه في منهجه في الفصل الثاني من هذا القسم، أما عمل أبي هلال في النقد فسوف نعرض له بالدراسة في القسم الثالث من هذا البحث.

والآن- وقد فرغنا من استعراض عناصر الشرح التي شكلت انتخابًا في عمل التبريزي- لدينا بعض الملاحظات حول عمل التبريزي في الحماسة نود أن نختم بها هذه الدراسة:

أولاها: أنه كان ينظم ما ينقله من الشروح، فقد رأيناه يكثر النقل من المرزوقي، ولكنه كان يتصرف فيما ينقله حيث ينظمه ويرتبه وفق الرؤية التي يراها في معالجة

<<  <   >  >>