للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عناصر الشرح، لا وفق ما جاءت في شرح المرزوقي، ولعلنا نذكر أننا حين تكلمنا عن طريقة المرزوقي في شرح النص أوضحنا أنه كان يتعامل مع النص بالشرح وفق الخطرة الأولى التي يخطر له عند قراءته، قد تكون هذه الخطرة جانبًا يتصل بالرواية فيناقشه أولًا، وقد تكون بلاغة فيبدأ بها، وقد تكون لفظة فيشرحها، وربما كانت تركيبًا فيعالج شرحه بداية، وأحيانًا قد تكون الخطرة في المعنى ذاته أو في الغرض الذي قيل فيه الشعر فيسجله، أما التبريزي فقد كان عمله أشبه بالشيء التنظيري الذي يسير وفق طريقة تقليدية هي شرح الألفاظ ثم التراكيب ثم إيراد المعنى وما فيه من اختلافات بين الشراح وأخيرًا البلاغة والنقد، وربما سبقت إيراد المعنى مناقشة الرواية، ولذا كنا نراه حين ينقل عن المرزوقي عملًا متعدد العناصر لا ينقله كما جاء في شرح المرزوقي وإنما يتدخل فيه بالتقديم والتأخير، ولم يكن يهدف من هذا أن يخفي أخذه عن المرزوقي قصدًا إلى الإيهام والتمويه كما ظن الدكتور أحمد جمال العمري، وإنما كان الرجل يحقق رؤيته الخاصة في ترتيب العناصر في عملية الشرح، وتستطيع أن تدرك هذا من خلال نماذج متعددة رأيناها في نقله عن المرزوقي، ولكن يكفي أن نعرض لك نموذجًا واحدًا حتى تدرك صدق ما ذهبنا إليه، وذلك في بيت ربيعة بن مقروم القائل:

وألد ذي حنٍق علي كأنما تغلي عداوة صدره في مرجل

فقد جاءت خطوات المرزوقي في شرحه على النحو التالي:

١ - خطر له أول ما خطر أن يسجل في البيت جانبًا بلاغيًا فقال: "أخرج التشبيه ما لا يدرك من العداوة بالحس إلى ما يدرك من غليان القدر حتى تجلي فصار كالمشاهد".

٢ - انتقل فشرح أول لفظة في البيت، وهي لفظة "ألد"، قال: "والألد الشديد الخصومة، كأنه لد بالخصومة أي أوجر فلد به، ولذلك كان اللدد مصدر ألد ويقال في معناه ألندد".

<<  <   >  >>