للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقول طرفة: يقولون لا تهلك أسى وتجلد.

ومن ذلك أيضًا ما جاء عنه في بيت زياد بن حمل القائل:

وحبذا حين تمسي الريح باردًة وادي أشٍي وفتياٌن به هضم

فقد شرح التبريزي "هضم" بأنه جمع هضوم، وهو المنافق في الشتاء، ثم قال: سألت الرقي عن قوله هضم ما معناه؟ فقال جمع أهضم وهو الضامر البطن، فقلت له قد ذكر لي أبو العلاء شيئًا غير هذا فقال: ما هو؟ قلت: قال: هضم يعني أنهم يهضمون المال أي يكسرونه وينفقونه فأنشد:

إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام

فهذا المثال وسابقه وغيرهما في شرحه تدل على شخصية الرجل من حيث قراءته ولقاءاته بالعلماء ومساءلته لهم، والإفادة من ذلك في مواضعه الصحيحة من الشرح، وهو يؤكد حضوره الذهني واستدعاء المعلومات في حينها أثناء عملية الانتخاب في شرح الشعر.

وإذا كانت هاتان الملاحظتان إيجابيتين في عمل التبريزي الانتخابي فإن لنا أخريين سلبيتين في العمل ذاته: أولاهما: تخصه وتخص غيره من الشراح الذين اتبعوه في منهجه التجميعي الانتخابي، وهي أنهم كانوا لا يعزون جميع ما ينقلونه من آراء وأقوال إلى أصحابها، وبخاصة حين ينقلون عن المرزوقي فهم- التبريزي والطبرسي والرواندي- يوردون كلام المرزوقي في صورة توحي بأن هذا من عملهم، وهذه بطبيعة الحال ظاهرة لها خطورتها من حيث أنها تجعل الدارسين لشروحهم أو المستفيدين منها في اضطراب مستمر، حين ينسبون لهم أقوالًا ليست لهم أو يجعلون لأعمالهم قيمة لا تؤول إليهم في واقع الأمر، ولقد حدث هذا بالفعل من البغدادي في خزانة الأدب، ومن بعض الباحثين المعاصرين، فلقد رأينا البغدادي في أكثر من

<<  <   >  >>