نراه ينقل في إيجاز آراء ثلاثة علماء في شرح لفظة "خارجيًا" قال: "قال الأصمعي كل ما فاق في جنسه فهو خارجي، وقال أبو عمرو الشيباني: الخارجي من الخيل والرجال: المنكر، وقال أبو زيد: إذا لم يكن للرجل في أهل بيته شرف ولم يثبت أحد منهم ثم ثبت واحد منهم فهو خارجي، ثم عقب على ذلك بقوله: "ومن روى من الخيل فالمراد بالخارجي المنكر على ما قال أبو عمرو الشيباني، وكذلك من روى من القوم وأراد من خيل القوم لكان صحيحًا".
فإذا تجاوزنا ما كان ينقله عن العلماء في مجال اللغة ونظرنا إلى غلبة عمله في المجال ذاته من خلال منهجه وجدنا انه كان يهتم بتفسير الألفاظ التي يرى أنها من الغريب ثم يورد المعنى. هذا في اللغة أما في النحو فإنه كان يتناول النحو من حيث إيضاح المعنى أنه باستثناء المواضع القليلة التي تابع فيها ابن جني، كان يركز على مناقشة المسائل النحوية التي تتصل بالمعاني، والتي تعين على إيضاح المعاني وإبرازها.
فمن أمثلة شرحه للغريب من الألفاظ ثم إيراده المعنى ما جاء عنه في بيتي إياس ابن فبيصة الطائي وهما:
ومبثوثٍة بث الدبا مسبطرٍة رددت على بطائها من سراعها
وأقدمت والخطى يخطر بيننا لأعلم من جبانها من شجاعها
فقد بدأ عمله فيهما بشرح الألفاظ قال: "الدبا صغار الجراد، والمسبطرة الممدودة على الأرض، والبطاء جمع بطيء، ووحد الخطي لأنه أراد به الجيش" ثم بين غرض الشاعر من قوله فقال: "يصف شجاعته ليعلم أنه غير جبان" ثم عرض المعنى فقال: "يقول: رب خيل متفرقة على وجه الأرض رددت أولها على آخرها، أي إنه كان مدبرًا لها وقيمًا عليها".
ومثله ما جاء عنه في بيت مساور بن هند الذي هجا فيه بني أسد وهو: