يستعرض فيه ثقافته النحوية أو إظهار مقدرته على الإلمام بالقضايا النحوية وما فيها من اختلاف مذهبي على نحو ما نجد عند بعض الشراح وبخاصة ابن جني في منهجه العلمي التخصصي أو التبريزي في منهجه الانتخابي، إنما حسبه من النحو أن يعين على فهم معنى النص، ففي بيت دريد بن الصمة الوارد في باب الرثاء والذي يقول فيه:
قسمنا بذاك الدهر شطرين بيننا فما ينقضي إلا ونحن على شطر
نراه يقف عند نصب "شطرين" فيقول هو منصوب على المصدر كأنه قال: قسمنا الدهر قسمين، ويجوز أن يكون حالًا على معنى قسمناه مختلفًا فوقع الاسم موقع الصفة لما تضمن معناه كقولك: طرحت متاعي بعضه على بعض كأنك قلت متفرقًا". فلا شك أن مثل هذا العمل يعين على فهم المعنى الذي أورده بعد هذا فقال: "يريد جعلنا أوقات الدهر بيننا وبين أعدائنا مقسومة قسمين، فلا ينقضي شيء منها إلا ونحن على أحد الحدين إما علينا وإما لنا".
ومثل ذلك أيضًا ما جاء عنه في بيت القتال الكلابي وهو:
فلما رأيت أنني قد قتلته ندمت عليه أي ساعة مندم
فقد وقف عند "أي" وبين أوجه الإعراب فيها بما يدل على المعنى ويوضحه قال: "أي رفع ونصب فمن نصب فعلى أنه وصف ظرف محذوف كأنه قال: ندمت عليه ساعة أي ساعة مندم، ومن رفع ذهب إلى مذهب الاستفهام المتعجب كأنه لما تم الكلام بقوله ندمت عليه متعجبًا: أي ساعة مندم، هذه التي ندمت فيها أي ليس هذا وقت الندم لأنه وقت حمية، فالرفع على استئناف جملة على جملة".
وجملة القول فيء هذا العنصر أنه عني بشرح الألفاظ والتراكيب من خلال معالجته اللغوية والنحوية وفق منهجه إلا في الأحيان القليلة التي كان يتأثر فيها بابن جني فينقل عنه ما يخرجه عن حدود منهجه الذي سلكه.