بمعنى وضعت الرحل قبل البرذعة التي حقها أن تكون أولًا ثم يوضع الرحل عليها".
والحق أن دراستنا لهذا الشرح أثبتت أن صاحبه لم يغفل عن التنبيه على خطأ ما يورده من معاني الآخرين فحسب بل أثبتت أنه كان يخطئ في تفسير معاني النصوص فيورد في بعضها معاني بعيدة كل البعد عن المعنى الذي رمى إليه الشاعر، وهذا أهم مأخذ رأينا منه في عنصر المعاني. ولقد حاولنا أن نرصد أوهامه في هذا الخصوص فوجدناها ترجع إلى أمرين أحدهما عدم محاولته الوقوف على البواعث التي دفعت الشعراء إلى قول الشعر، والتي تؤدي معرفتها إلى إدراك مقاصد الشعراء ومراميهم من الكلام، والآخر وهمه في تصور المعنى المراد من النص نتيجة لقصور في إدراك أساليب الشعراء ومجرى كلامهم، فمن أمثلة الأمر الأول ما جاء عنه في بيت معقل بن عامر الأسدي الذي يقول فيه:
أنبئه بأن الجرح يشوي وأنك فوق عجلزٍة جموم
وهو بيت من أبيات قالها معقل بن عامر حين مر بابن الحسحاس بن وهب الأعيوي يوم شعب جبلة فوجده صريعًا فحمله على فرسه وداواه وأداه إلى أهله، وقال هذا الشعر يصف هذه الواقعة بينهما، وبناء على معرفة هذا الخبر الذي يدل على الباعث لقول الشعر يأتي معنى البيت، وهو معنى واضح صوره المرزوقي ونقله عنه التبريزي قال: "يريد أن تبلغيك المأمن سهل وإن ما بك من الجرح هين" غير أن هذا الشارح لما فات عليه معرفة الخبر المؤدي إلى باعث الشعر أتى في تفسيره بمعنى نقله عن النمري وهو "هذا يربط به جأشه يقول: إن شئت كررت وإن شئت فررت أي أقدم فإن الجرح يخطئ المقتل وأنت أيضًا على فرس جواد فكر إن شئت وإن شئت فر". وهو كما نرى معنى لم يقصد إليه الشاعر ولا يدل عليه البيت،