للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولهذا اعترض عليه أبو محمد الأعرابي في تتبعه لأبي عبد الله النمري، وقال مشيرًا إلى تنكبه عن المعنى المراد "هذا موضع المثل".

أراد طريق العنصلين فياسرت به العيس في نائي الصوى متشائم

ثم أورد المعنى على نحو ما فسره المرزوقي.

ومن أمثلة الأمر الثاني ما جاء عنه في بيت تأبط شرًا الذي يقول فيه واصفًا نفسه:

يبيت بمغنى الوحش حتى ألفنه ويصبح لا يحمي لها الدهر مرتعا

فقد صور معناه بقوله: "أي لا يكون بالليل في الموضع الذي يبيت فيه الوحش، ولا يحمي أي لا يكف الأذى عن الوحش"، وهو تفسير يدل على أن صاحبه لم يقف على شعر الصعاليك من أمثال تأبط شرًا في حديثهم عن الوحش، كما أن ظاهر الألفاظ لا يدل على ما جاء به من معنى، فقد قلبه تمامًا، ومعناه كما صوره المرزوقي "إن مجامع الأنس تكرهته فلفظته، فألف القفار، ولزم مرابع الوحش ومساكنها حتى أنست به وسكنت إليه وعدته واحدًا منها، وصار هو أيضًا على تعاقب الزمان وتصرف الأحوال لا يحمي من أجلها مرعى".

هذا الوهم الذي وقع فيه الشارح في هذا المثال وسابقه في تفسير معنى الشعر ما كان لنا أن نؤاخذه عليه لولا أنه دل بقلمه على أنه قرأ شرح المرزوقي، كما أنه كان ينقل عن التبريزي دون أن يشير إليه كما أوضحنا، وإذا كان قد وقف على الشرحين معًا فكان يلزمه ألا يقع فيما وقع من خطأ في التفسير لأن مصادره التي يرجع إليها تعصمه من ذلك.

<<  <   >  >>