للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ز- البلاغة والنقد:

لم يهتم الشارح بهذا العنصر، ولا حظي منه بعناية تذكر، فهو في مجال النقد لم نر له سوى نقد الرواية الذي عرضنا له فيما سبق. أما في البلاغة فقد أهمل جل نواحيها في ميادينها الثلاثة البيان والمعاني والبديع، فالذي يقرأ شرحه لا يجد سوى وقفات ضئيلة تخص الاستعارة والمجاز، وعمله فيهما لا يدل على عناية تهدف إلى تبيان أثر هذين اللونين في جودة الشعر وحسنه، وإنما يأتي الحديث عنهما عرضًا في أثناء الشرح كأن الأمر ليس من مطلبه ولا غايته. ومن ذلك ما جاء عنه في بيت مسلم ابن الوليد الذي قاله في مالك بن علي على الخزاعي وهو:

نفضت بك الاحلاس نفض إقامٍة واسترجعت نزاعها الأمصار

قال: "الاحلاس جمع حلس وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير وذكره هاهنا استعارة".

ولعل الموضع الوحيد الذي رأينا فيه عناية بهذا اللون البلاغي، هو ما جاء عنه في بيت الفرار السلمي القائل:

وكتيبٍة لبستها بكتيبٍة حتى إذا التبست نفضت لها يدي

قال: "أي تركت معاونتها، ولم أشغل يدي بها، فاستعار نفض اليد للإعراض عنها، يقال: نفضت اليد من فلان ولفلان أشد النفض إذا وكلته لنفسه"، ومع ذلك فهي عناية لا تبين موطن الجمال في التصوير الاستعاري بقدر ما هي عناية شرح للتركيب الذي نجمت عنه الاستعارة.

هذه هي العناصر التي قام عليها عمل هذا الشارح، حاولنا أن نستعرضها من خلال نظرتنا إلى المنهج الاختصاري التسهيلي، ولقد رأينا في غلبة عمله يحقق مقومات هذا المنهج وصفاته، إلا في مواضع قليلة عبنا عليه فيها: نقله عن ابن جني ومجاراته إياه في الاستطراد اللغوي والنحوي، كما عبنا عليه عدم إفادته من المصادر

<<  <   >  >>