للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التي كانت تحت يده إفادة تعصمه من الخطأ في تفسير الشعر، هذا فضلًا عن أننا يمكن أن نأخذه عليه تركه الكثير من القطع دون شرح، ربما رأى أنها واضحة المعاني لا تحتاج منه إلى عمل، ولكن الوضوح شيء نسبي، فما تراه أنت واضحًا قد يراه غيرك ليس بواضح، والوضوح لدى الشارح ذي المنهج التسهيلي لا يعني الترك وبخاصة إذا علمنا أن أصحاب هذا المنهج يكتبون لفئة معنية من القراء، يحاولون إعانتها على فهم الشعر وإدراك معانيه بأسهل الطرق وأقربها، وسهولة الطرق وقرب مأخذها في شرح الشعر ليست مبررًا إلى ترك الواضح منه، وإلا تحول العمل من شرح للشعر إلى رواية فقط، والرواية جزء من عمل الشارح وليست كل عمله.

وإذا كان قد برز في القرن الخامس والسادس رجلان اتجها في شرح الحماسة هذه الوجهة من الاختصار والتسهيل، فإن ثمة رجلًا ثالثًا قد اتجه أيضًا إلى هذه الوجهة هو أبو الحجاج الأعلم الشنتمري وذلك في شرحه المسمى "تجلي غرر المعاني" وهو من حيث الترتيب الزمني يلي زيد بن علي الفارسي في الاتجاه إلى هذا المنهج الاختصاري التسهيلي، غير أنه اتجه في رواية متن الحماسة وجهة تختلف عن سائر الشراح الذين وقفنا على شروحهم، إذ أن جميع الشراح قد حاولوا جهد طاقاتهم أن يلتزموا باختيار أبي تمام في الحماسة دون تبديل أو تعديل وأمرهم في رواية متن الحماسة- كما رأينا- يرجع إلى ما كان لديهم من نسخ للحماسة، ووفق هذه النسخ كانت اختلافاتهم في رواية الشعر. أما الأعلم الشنتمري فقد غير في الحماسة

<<  <   >  >>