للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

معناه، والأمثلة على ذلك يستطيع أن يعثر عليها القارئ من أول الكتاب إلى آخره، ففي بيتي قيس بن الخطيم اللذين وردا في أول قطعة في باب الأدب وهما:

وما بعض الإقامة في ديار يهان بها الفتى إلا عناء

وبعض خلائق الأقوام داء كداء البطن ليس له دواء

نراه يعمد غلى شرح لفظة "العناء" ثم يورد المعنى. قال: "العناء المشقة أي من أقام على هوان فهو في مثل حال المسافر عناء ومشقة، فلا ينبغي أن يضام على ذلك، وقوله: "وبعض خلائق الأقوام داء" أي من جبل على خلق دنيء لم يصرف عنه بغلبة الطبع عليه، فمثله مثل المبطون لا دواء له".

ونراه يشرح بيتي عبد الله بن الزبير الأسدي في باب الأدب فيوجز في ذلك غاية الإيجاز والبيتان هما:

لا أحسب الشر جارًا لا يفارقني ولا أحز على ما فاتني الودجا

وما نزلت من المكروه منزلةً إلا وثقت بأن ألقى لها فرجا

فقد قال فيهما: "يقول: إذا نزل بي شر لم أيأس من الخير، وعلمت أنه سيفارق كالجار الذي لا يقيم، ومعنى أحز أقطع، أي لا أستهلك في تتبع ما فات من عرض الدنيا ولا أموت غمًا في أثره، فضرب حز الودج مثلًا".

وهو بجانب ما رأيناه من خلال هذين النموذجين في توخيه سهولة العبارة في الشرح والميل إلى تسهيل المعنى وتقريبه للقارئ، كان لا يثير القضايا النحوية واللغوية في أثناء الشرح، وإنما غايته من ذلك لا تتجاوز غاية أصحاب هذا المنهج التي تتمثل في إيضاح معنى النص بأقرب وأسهل طريق، ولذا رأيناه عرض لمسألة تتصل بالإعراب يعرض لها من خلال إبراز المعنى لا غير، ومن ذلك ما جاء عنه في بيتي عروة بن الورد اللذين يقول فيهما:

<<  <   >  >>