للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ليست بالكثيرة، وانتخب التبريزي شذرات منه، وهو من خلال ما رأيناه يعرض المعنى في وضوح ويسر، وذلك مثل عمله في بيت جعفر بن علبة القائل:

فقالوا لنا ثنتان لابد منهما صدور رماح أشرعت أو سلاسل

فقد قال فيه: "يقول: إما أن تحاربوا فنشرع إليكم صدور الرماح وإما أن تستأسروا فنجعلكم في السلاسل كما يفعل بالأسرى"، فهذا عمل أشبه بنثر البيت، ومثله ما نقله التبريزي عنه في معنى بيت كبشة أخت عمرو بن معدي كرب الذي تقول فيه:

ولا تردوا إلا فضول نسائكم إذا ارتملت أعقابهن من الدم

فقد صور معناه بقوله: "تقول: إذا قبلتم الدية فلا تأنفوا بعدها من شيء كما تأنف العرب، واغشوا نساءكم وهن حيض، والفضول ها هنا بقايا الدم وسمي الغشيان وردا مجازًا".

وربما قدم لا يراد معنى البيت بشرح بعض ألفاظه ودعم ما صوره من معنى ببعض الشواهد من الشعر، وذلك على نحو ما نقله النمري في بيت أبي الغول الطهوي القائل:

ولا يرعون أكناف الهوينا إذا حلوا ولا أرض الهدون

قال: "الهدون السكون، وأصله أن تجعل المرأة على ولدها شيئًا يثقله في المهد لينام، يقال هدنته أمه". ثم أورد تصويره معنى البيت فقال: "يقول: هؤلاء القوم من عزهم ومنعتهم وشدة جرأتهم لا يرعون النواحي التي أباحتها المسالمة ووطأتها المهادنة، ولكن يرعون النواحي المتحاماة والأرضين الممتنعة" ثم دعم ذلك يقول أبي النجم:

<<  <   >  >>