للحماسة، الذي أفادت عنه جملة من المصادر، وهو مفقود لم يهتد إلى مكانه حتى الآن، غير أن التبريزي نقل عنه نقولات عديدة، فقد كان من الشروح التي اعتمد عليها في صنعة شرحة ذي المنهج التجميعي الانتخابي، كما أن البغدادي قد أفاد منه في عدة مواضع من الخزانة وترجم لأبي هلال وذكر شرحه هذا الذي نحن بصدده. ولقد ظن بعض الدارسين أن رسالته السالفة الذكر هي نفسها شرحه الذي أشارت إليه المصادر، غير أن ما جاء في هذه الرسالة - وكما وضحنا من قبل - يختلف تماماً عن هذه النقولات التي حفظها لنا التبريزي في شرحه والبغدادي في خزانته.
وهذه النقولات وان كانت غير كافية في أن توضح لنا منهج الرجل بوضوح، فإنها يمكن أن تدلنا على بعض الملامح التي نستطيع في ضوئها استكشاف عمله في عناصر شرح الشعر في حدود القدر الذي سمحت به هذه النقولات.
ولعل أظهر عنصر دلت عليه هذه النقولات وبدت فيه عناية واضحة من أبي هلال هو عنصر النقد، وهذا في رأينا يرجع إلى أن التبريزي الذي جعلنا نتصل بهذا الجانب من عمل أبي هلال، كان قد جعل شرح أبي هلال المعول الأول الذي يرجع إليه في سد هذا العنصر من شرحه الانتخابي، كما يرجع إلى أن أبا هلال كان أحد النقاد البارزين الذين ظهروا في القرن التاسع الهجري، وكتابه الموسوم بالصناعتين خير شاهد على هذا، فضلاً عن شهادة بعض أهل العلم له بالتقدم في نقد الشعر وتقويمه، فقد نقل لنا صاحب الخزانة رأياً لأبي محمد بن الخشاب يفيد فيه بأنه "لم يجر في سنن الفرزدق في التعجرف في شعره بالتقديم والتأخير المخل بمعانيه