فهو هنا قد نظر إلى مدلول لفظتي ((غرض)) و ((عرض)) واتساق هذا المدلول مع المعنى الذي رمى إليه الشاعر، فالألفاظ وما تدل عليه من معان واتفاق هذه المعاني وتجانسها مع المضمون الكلي للبيت وقيمته هي قوام عمل أبي هلال في نقده، ولهذا نراه في نقده للرواية غالبًا ما يفسرّ أولًا حروفها وفق ما هو مستعمل عند العرب، ثم يبني نقده بالنظر إلى مضمون البيت، هذا ما لمسناه منه في نقده السابق وما لمسناه في سائر النقولات التي تتصل بنقد الرواية في شرح التبريزي. ومن أمثلته ما جاء عنه في بيت الربيع بن زياد القائل:
فقد ذكر أن هذا البيت يروى ((يندبنه بالصبح قبل تبلج الأسحار)) ثم نظر إلى مدلول لفظة ((الصبح)) فقال: يريد بالصبح الحق والأمر الجلي كقوله: وَنَحْنُ أُنَاسٌ يَنْطِقُ الصُّبْحُ دُونَنَا ولم نر كالصُّبْحِ الجَليِّ مُبِينَا
ثم انتقل إلى مدلول آخر للفظة يصير الكلام به مستحيلًا قال:((ولو جعل الصبح الوقت المعروف كان الكلام محالًا، لأن الصبح لا يكون قبل التبلج)).
ومثل ذلك أيضًا ما جاء عنه في بيت الرقاد بن المنذر الذي يقول فيه: فِدَىً لِفَتىً أِلْقَى إِليَّ بِرَأْسِهَا تلِاَدِي وَأَهْليِ مِنْ صَدِيٍق وَجَامِلِ
فقد رواه أبو هلال ((من صديق وآبل)) ثم نقد الرواية وفق مدلول لفظة ((ابل)) مع السياق فقال: ((كان ينبغي أن يقول من صديق وعَدو، فأما أن يقول من صديق وآبل فردئِ جدًا لأنه جعل الآبل من الأهل)) فردئ أيضًا لأن قوله