من صديق يحتاج إلى قسم آخر، وإلاّ فالكلام مبتر لا خير فيه)).
هذا فيما يتصل بنقد الرواية، أما نقده لما ورد في الحماسة من أشعار فان معياره فيه لم يخرج عما قلناه سابقًا من نظريته إلى المعنى من حيث الصحة والجودة أو الفساد والرداءة، نجد ذلك منه في بيت جابر بن رالان السنيبسي الوارد في الحماسة وهو:
فقد قال فيه:((جعل رجلين منهم على رجل واجد وهو وصف ردئ لأن من عادتهم أن يجعلوا الرجل يقاوم جماعه وتجاوزوا ذلك إلى أن قال بعضهم: ((والجيش باسم أبيهم يستهزم)) فجعل ذكر الرجل الواحد هازمًا للجيش)).
وهو بجانب نظريته إلى رداءة المعنى وفساده ينظر - كما بيّنا سابقًا * إلى ألفاظ النص وما تعطيه من مدلول يتسق مع المراد من النص، وقد دلّ على ذلك في نقده بيت كبد الحصاة العجلي الوارد في باب الرثاء وهو:
فقد وقف أولًا عند لفظة ((حوافي الخيل)) وفسرّها بقوله ((حوافى الخيل التي كان يحفيها لكثرة غزوه عليها ثم قال: ((والجيد هنا ((حفيات الخيل)) مخففة من حفي يحفى فهو حف إذا احتكّ حافره من كثرة السير)) ثم رجع إلى لفظه ((حوافى)) فقال: والحافي خلاف الفاعل وليس له هنا موضع لأن خيل العرب لم تكن تنعل فيقال ان هذا الرجل كان يحفي خيله لكثرة اشتغاله عن إنعالها أو لغير ذلك من الأسباب)). ولم يكتف أبو هلال بهذا في نقده البيت بل مضى إلى لفظه أخرى هى ((الحريد)) وفسرّها بقوله: ((والحريد المنفرد)) ثم بنى نقده على هذا المعنى فقال: ((لو لم يقل الحريد كان أجود لأنه لم يغز المنفرد من الأحياء إلّا لعجزه عن مجتمع الناس)) ثم عرض للحريد معنى آخر فقال: ((ويجوز أنه بالحريد البعيد، والمعنى أنه كان