ونراه في موضع آخر يعرض المعنى في ايجاز ثم يذكر تعليلًا له قصدًا إلى تأكيد صحته، وذلك في البيت الذي نسبه أبو تمام لبعض بني عبد شمس من فقعس وهو:
لاذت هنالك بالأشعاف عالمة أن قد أطاعت بليل أمر غاويها
فقد أورد معناه موجزًا قال:((يقول: أطعوا الأمر الذي دبَّره لهم بالليل غاويهم)) ثم علل لاستخدام الشاعر تدبير الأمر ليلًا فقال: إنما يدبر بالليل ليتوفر عليه ولا يشتغل بغيره، فيكون حظه من الابرام أكثر لخلو البال بالليل واجتماع الفكر فيه)) ثم أتى بآية قرآنية دعم بها هذا التعليل قال:((وفي القرآن: بيّت طائفة منهم غير الذي تقول)).
وأحيانًا نراه إذا أراد عرض المعنى عمد إلى ما فيه من تراكيب، فبيّن ما فيها من أوجه المعنى، ومن خلال هذه الأوجه يكون عرض المعنى، وذلك كما جاء عنه في بيت الفند الزماني الذي يقول فيه:
أَيَا طَعْنَةَ مَا شَيْخٍ كَبِيرٍ يَفَنٍ بَالي
فقد وقف عند تركيب ((أيا طعنة)) قال: ((في ندائه وجهان أحدهما أن يعجب من فظاعتها فكأنه يقول: هلمي يا طعنة فاعجببى أنت أيضًا من هولك وسعتك، والآخر أن المنادى غير الطعنة كأنه قال: يا هؤلاء اشهدوا طعنة لا يطعن مثلها شيخ)) ولم يعرض المعنى لأنه قد صار واضحًا من خلال وجهي هذا التركيب.
وثمة عنصر آخر غير هذه العناصر التي تعرضنا لها هو عنصر الأخبار التاريخية التي تتصل بنصوص الحماسة ومناسبات الشعر، وقد جاءت جميع النقولات الدالة على عمله في هذا العنصر في شرح التبريزي، وقد سبق أن عرضنا نماذج منها في دراستنا لمنهج التبريزى حين وضحنا من خلالها كيف كان التبرزي ينتخب من