وهم بعض الباحثين في اشارتهم التي تفيد بأن شرح أبي العلاء موجود لا مفقود، كما سبق أن ذكرنا أن أبا العلاء _ فيما ذكر ياقوت _ قد صنع شرحه هذا تلبية لرغبة أمير يدعى ((مصطنع الدولة)) كان قد أنقذ إليه نسخة من شرح أبي رياش وطلب منه أن يستكمل ما فيها من نقص مما لم يتناوله أبو رياش، فكان أن صنع أبو العلاء شرحه الذي بلغ أربعين كراسة وسمّاه ((الرياشى المصطنعي)) نسبة إلى أبي رياش من جهة ولمن صنع له الشرح من جهة أخرى.
ويبدو أن التبريزى _ تلميذ أبي العلاء _ قد قرأ هذا الشرح عليه وأخذه عنه، ولذا كان من الشروح الأساسية التي عوّل عليها في صنعة شروحه للحماسة، وبخاصة شرحه الأوسط المتداول بين الناس، الذي درسناه فيما سبق في المنهج التجميعي الانتخابي، فعن طريق التبريزي وصلت إلينا نقولات عن أعمال أبي العلاء في الحماسة، وهي نقولات وصلت _ فيما قمنا به من إحصاء _ إلى بضعة ومائة موضع بلغ بعضها من حيث الكم العشرين سطرًا أو أكثر.
بيد أن هذه النقولات مع ما فيها من تنوع واسهاب في بعضها فإنها لا تهيّئ للدارسين تحديد منهج لأبي العلاء في شرحه للحماسة، وان كنا لا نعدم من وجود ملامح يمكن أن نتبّين من خلالها طريقة تعاطيه لجملة من العناصر التي كان التبريزى يلجأ فيها إلى شرح أبي العلاء لينتخب منه ما يكمّل به عناصر شرحه.
إن أبرز ما تقدمه لنا نقولات التبريزي من شرح أبي العلاء هو اهتمامه الواضح بشرح أسماء الشعراء والأعلام الواردة في أبيات الحماسية، فقد بلغت النقولات في هذا العنصر نحو اثنين وأربعين موضعًا، وهى في مجملها تدل على أن أبا العلاء كان مثل ابن جني مولعًا بمثل هذا العمل، وأنه _بلا شك _ كان متأثرًا به فيه، فهو قد