للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حقق من الإضافات علي ما جاء في كتاب المبهج لابن جني ما يجعلنا ندرك قيمة ما وقفنا عليه سابقًا من قول ابن جني في مقدمة المبهج: ((إن وراء هذا العمل علمًا كثيرًا وتدربًا نافعًا))، فقد استطاع أبو العلاء أن يثير عقولنا ونحن نقرأ أعماله في هذا العنصر، وجعلنا نحس بعظمته في علم اللغة واستعلائه المنفرد في الاستيعاب التام لكلام العرب.

وإذا كنا قد رأينا ابن جني في المبهج يجنح كثيرًا في شرحه للأسماء الأعلام نحو التصريف والأوزان وما هو مصروف وغير مصروف، فان أبا العلاء كان في أعماله التي نقلها التبريزي واضح الاهتمام بمعاني الألفاظ التي اشتقت منها الأسماء الأعلام، وما ورد في معانيها من وجوه محاولًا أن يوفر لكل وجه شاهده من كلام العرب. ففي اسم ((شمعلة بن الأخضر)) مثلًا نراه يقف أولًا عند ((شمعلة)) فيقول: ((الشمعلة أصل بناء اشمعلّ إذا أسرع) ثم أتى بشاهده فقال: قال أمية ابن أبي الصلت:

لَهُ دَاعٍ بمَكَّةَ مُشْمَعِلٌّ وآًخَرُ فَوْقَ دَارَتِه يُنَادِي

ثم انتقل إلى اسم ((الأخضر)) فبينّ فيه وجهين قال: ((الأخضر ينعت به الرجل على معنى المدح وعلى معنى الذم، واذا مدح به احتمل أن يكون مشبهًا بالبحر لأن البحر يوصف بالخضرة والربيع، وهذان الوصفان لمن ذكر بالجود، ويوصف الانسان بالأخضر لأن الخضرة من ألوان العرب قال:

وَأَنَا الأخْضَرُ مَنْ يَعْرِفُنِي أَخْضَرُ الِجلْدَةِ في بَيْتِ العَرَبْ)).

هذا في وجه المدح أما في وجه الذم فقد قال فيه: ((واذا جاءوا بالخضرة في معنى الذم، فانما أرادوا أنهم قد اخضروا من اللؤم لأن السواد إذا اشتد جعل خضرة فقيل ليل أخضر وأخضر الليل)) ثم أتى بشاهد على هذا قال: قال القطامي:

<<  <   >  >>