للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نراه يقف عند تركيب ((بقيت وفري)) فيقول: ((الذي ينبغي أن يحمل عليه معنى قوله ((بقيت وفري)) أن الوفر المال وذلك المشهور من كلام العرب)) ثم مضى مستعرضًا رأيًا فقال: ((وذكر أبو محمد الديمرتي أن الوفر ها هنا الشعر، وأنكر ذلك عليه أكثر أهل العلم، ولا يمتنع في القياس أن يسمى الشعر وفرًا لانه كالغرة في الجسد، ولأنهم قد سموا شعر الرأس إذًا كثرة وفزة، واذا صح ذلك لم يحسن أن يحمل البيت عليه لأن توفير شعر الرأس ليس من جنس الانحراف عن معالي الأمور ولقاء الضيف بالوجه العابس، وقد جاء الحديث عن النبى _ صلى الله عليه وسلم _ وعن غيره من صلحاء السلف، أنهم كانوا يوفرون شعورهم، فان ذهب إلى أنه أراد بالوفر الذي جاءت السنة باماطته عن الجسد فهو أيضا ليس بلائق إذ كان منافيًا لما بعده ... ولا يجوز أن يعدل عن أن الوفر المال الكثير)). فأنت تراه لا ينكر أن يأتي الوفر بمعنى الشعر، ولكن تفسيره بهذا المعنى في البيت، ولذا لم يجزه أبو العلاء على كثرة ما كان يجيز من معان محتملة في الألفاظ إذا اتفقت مع المشهور من كلام العرب والسياق.

أما في مجال النحو فقد دلت نقولات التبريزي أنه كان يهتم به في شرحه، وذلك من جهة القواعد ومن جهة الاعراب، فمن جهة القواعد نراه مثلًا يناقش قاعدة أفعال البدء والشروع في بيت الحماسة القائل:

جَعَلْتُ وَمَا بِى مِنْ جَفَاءٍ وَلاَ قِليً أَزُوركُمُ يَوْمًا وَأَهْجُركُمْ شَهْرَا

فقد قال فيه: "ويروي فقد جعلت قلوص ابني سهيل" وكير من الناس يرفع الفلوض وهو وجه ردئ" ثم بين وجه ردائته من حيث مخالفته للقاعدة النحوية فقال: "لأن القائل إذا قال جعلت وهو يريد المقاربة لم يكن بد من إتيانه بالفعل كما قال:

جعلت وما بي من جفاء ولا قلي أزوركم يومًا وأهجركم شهرًا

<<  <   >  >>