للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السابقين في المعنى في دقة ثم يبدي رأيه في وضوح وجلاء، كاشفًا لنا المعنى وفق رؤيته ووفق ما وقف عليه من كلام العرب، ولعلك حين ترجع إلى ما أوردناه له في انتخاب التبريزي لعنصر المعاني في شرحه عند بيت موسى بن جابر الحنفي القائل:

هلالان حمالان في كل شتوٍة من الثقل ما لا تستطيع الأباعر

تدرك حقيقة هذا القول، بل لعلك حين تقرأ عمله في إيراد معنى الشطرة الثانية من بيت عمرو بن مسعود الثقفي:

أيبغي آل شداٍد علينا وما يرغى لشداٍد فصيل

تعلم أن ما ذهب إليه الدكتور عسيلان من قول لا يستند إلى شيء، فقد تناول أبو العلاء معنى الشطرة مستعرضًا في دقة أوجه المعاني فيها قال: "في قوله: "وما يرغى لشداد فصيل لا يذهب به مذهب البخل وأنهم لا يعطون أحدًا فصيلًا، ولكن يحمل على أنهم لا يؤذون كما يقال: ما تروّع له شاة أي فلم يتعرضون لنا بالأذاة ونحن عنهم كافون؟ ، ويجوز أنه يصفهم بأنهم أذلة لا يظلمون أحدًا ولا يرغي فصيل لأجلهم كقوله:

قبيلُة لا يغدرون بذمٍة ولا يظلمون الناس حبة خردل

والدليل على أنه لم يرد بالإرغاء معنى الهبة قوله- يريد البيت الذي يليه- "إن تغمز مفاصلنا تجدنا ... الخ" لأن الكلام دال على تهدد ووعيد".

فهل مثل هذا العمل يقال في صاحبه إنه كان لا يدقق في المعاني؟ .

وأما قوله بأنه كان يعمد إلى عرض المعنى بصورة تكاد تكون نثرًا للبيت فهو أيضًا حكم لا يستند إلى شيء لأن المثال الذي أتى به برهانًا على حكمه هذا لا صلة

<<  <   >  >>