للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والمسائل اللغوية والعروض والقافية والنقد وإشباعها بالاستطرادات اللغوية والنحوية- هو نفسه أبو العلاء في شرح الحماسة لم يحد عن سبيله قط.

وثالثها: أنه لم يقف على دواعي تأليف أبي العلاء لشرح الحماسة ولا على كيف بنى شرحه لها، فقد ألف أبو العلاء شرحه كما وضحنا تلبية لرغبة أحد الأمراء، أرسل إليه نسخة من شرح أبي رياش وطلب منه أن يكمل ما فيه من نقص، ومن ثم بنى أبو العلاء شرحه للحماسة على شرح أبي رياش فصلًا عن نظره في شروح أخرى سبقته مثل شرح الديمرتي وشرح أبي عبد الله النمري، وهنا يكمن الفرق بين شروح أبي العلاء على شعر المحدثين وشرحه على شعر الحماسة. فشروحه على شعر المحدثين لم تبن استكمالًا لعمل سابق، فلو وقف الدكتور العمري على هذا لأدراك لماذا كان أبو العلاء في شرحه على الحماسة يميل في بعض الأحيان إلى مناقضة معنى النص وما فيه من تأويلات. ذلك أنه كان ينظر في عنصر المعاني إلى عمل أبي رياش فيه وإلى عمل غيره من شراح الحماسة الآخرين، يعرض ما قالوه من تأويلات ولكنه كان وهو يفعل ذلك يدلي برأيه فيما يعرض وفق رؤيته الخاصة للنص، يتضح هذا في القليل من الأمثلة التي أوردها لنا التبريزي، ومنها ما جاء عنه في بيت الحرث بن وعلة الذهلي القائل:

أن يأبروا نخلًا لغيرهم والشيء تحقره وقد ينمي

فقد قال أبو العلاء: "قد اختلف في معنى هذا البيت، فقيل: أراد أنه يفارقهم، ويهبط هو وقومه أرضًا ذات نخل كان لغيرهم فيدفعونهم عنه ويأبرونه، كأنه يتهددهم بترحله عنهم لأن ذلك يؤديهم إلى الذل، واستدلوا على هذا الوجه بقوله في القصيدة:

قوض خيامك والتمس بلدًا ينأى عن الغاشيك بالظلم

وقيل: بل يريد أن يحاربهم فيصلحهم لغيره فيجعلهم كالنخل التي أبرت، إذ كان عدوهم ينال غرضه منهم إذا أعانه عليهم، وقيل: بل عنى أنه يسبي

<<  <   >  >>