للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نساءهم فتوطأ ذلك كالوبار الذي هو تلقيح النخل. فهذه أوجه ثلاثة في معنى البيت يعرضها أبو العلاء ثم يختار آخرها فيقول: "وهذا الوجه أشبه بمذهب العرب مما تقدم، لأنهم يكنون عن المرأة بالنخلة قال الشاعر يخاطب امرأة:

ألا يا نخلًة من ذات عرٍق عليك ورحمة الله السلام

وجملة القول في عمل أبي العلاء في عنصر المعاني تتلخص في أن ما وصلنا منه في نقولات التبريزي لا يكفي لإصدار حكم عام عليه، ولكنه يدل على أنه لم يهمله في شرحه ولا كان يكتفي فيه بنثر الأبيات، كما أن اهتمامه بعرض ما في النص من تأويلات لمعانيه إنا يرجع إلى اعتماده على ما كان يجده في شرح أبي رياش من عمل في عنصر المعاني فضلًا عن وقوفه على أعمال آخرين سبقوه في هذا الخصوص.

وبجانب ما دلت عليه نقولات التبريزي من عناية لأبي العلاء بالعناصر السابقة، دلت أيضًا على عناية له في عنصر أوزان الشعر وأضربه وقوافيه، وهو أمر سبق أن أشرنا إليه عندما تكلمنا عن إفادة التبريزي منه في هذا العنصر، فأبو العلاء يعد من أبرز الشراح الذين اهتموا بقضايا أوزان الأشعار المختارة في الحماسة، يدلنا على ذلك ما ذكره تلميذه الخطيب التبريزي في ختام شرحه حيث أفاد بأن أبا العلاء كان ملمًا بكل الأوزان التي جاءت فيها أشعار الحماسة وبأضر بها وأنواع قوافيها وما جاء شاذًا في الوزن منها، وذلك حين قال: "قال أبو العلاء اشتمل ما وضعه أبو تمام حبيب بن أوس الطائي من أجناس الشعر الخمسة عشر على أثنى عشر جنسًا وهي: الطويل، والمديد، والبسيط، والوافر، والكامل، والهزج، والرجز، والرمل، والسريع، والمنسرح، والخفيف، والمتقارب، وفاته ثلاثة أجناس وهي: المضارع والمقتضب والمجتث. وفيه من الضروب الثلاثة والستين تسعة وعشرون ضربًا. ومن القوافي الخمس أربع وهي: المتدارك، والمتراكب، والمتواتر، والمترادف، وفاته المتكاوس، ومنه من الأوزان الشاذة ثلاثة الأول قول الضبي:

<<  <   >  >>