للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا النهار بدا لها من همه ما بالها بالليل زال زوالها

فيرفع الزوال والقوافي منصوبة في كل القصيدة.

والذي نلحظه من خلال هذين المثالين وغيرهما مما أورده التبريزي أن الرجل كان متمكنًا في هذا العلم ملمًا بجميع قواعده، مدركًا لخروج الشعراء عن حدوده من خلال وقوفه على ما روي لهم من شعر أو جاء في دواوينهم.

وثمة عنصر تبدو نقولات التبريزي فيه ضئيلة لا تذكر، أقل في ضآلتها من عنصر المعاني، وهو عنصر الرواية، ويبدو أن التبريزي لم يتخذ عمل أبي العلاء فيه مجالًا لعمله الانتخابي، ولهذا جاء ما نقله عنه في الرواية ممتزجًا بعمله في اللغة من حيث أن أبا العلاء فيما يبدو كان ينظر إلى اختلاف الرواية من وجهة نظر لغوية لا من الوجهة التي كان يراها أصحاب المنهج الإبداعي الفني، فهو في نظرته للرواية أشبه بابن جني منه إلى الإبداعيين لأنه كان مثله ينظر إلى الرواية وجودتها من حيث اللغة لا غير، ومن أ/ثلة ذلك عمله في بيت ملحة الجرمي الذي يصف فيه سحابًا والذي رواه المرزوقي والتبريزي هكذا:

نشاوى من الإدلاج كدري مزنه يقضي بجدب الأرض ما لم يكد يقضي

فقد روى أبو العلاء "يشاوى من الإدلاج كدري مزنه" وشرح روايته لغويًا ثم قال: "ومن روى نشاوى من الإدلاج" أراد قطاه نشاوي من الإدلاج، والأجود أن يجعل تقضي من وصف المزنة لأنه يتصل بها، فإن جعل يقضي للحبى أو للبرق فجائز والأول أحسن ويكون في هذه الرواية بالياء، وفي الأول بالتاء، وإذا روي نشاوى فالأحسن أن يروى مزنه بإضافة مزن إلى الهاء".

<<  <   >  >>