للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الدين الأسد في شيء من التفصيل، وانتهى إلى القول بأنها جاهلية صحيحة وليست منحولة.

لا نريد أن نتعرض بالحديث لهؤلاء الباحثين فليس هذا موضعه، وإنما نريد أن نؤكد أن هؤلاء الشراح الذي تصدوا للحماسة بالشرح قد شكلوا ظاهرة عامة في موقفهم من شأن هذه القصيدة حين اكتفى بعضهم بترديد القول القائل بأنها لخلف الأحمر، وأتى اثنان منهم بكلام لا يقوم على ساق، وكان على الشراح الذين جاءوا بعدهما أن يناقشوه ويبينوا خطأه وتهافته على النحو الذي رأيناه عند المعاصرين بعد، ولكنهم لم يفعلوا ذلك لأن قضية النحل في متن الحماسة لم تكن- فيما يبدو من أعمالهم- موضع بحث ودرس لديهم.

-٢ -

في مادة الشروح

أ- التوسع والاستطراد

وهي ظاهرة كان رصدنا لها مستمرًا في سائر الشروح ذات المناهج المختلفة، ابتداء من المنهج الفني الإبداعي، وانتهاء بالمنهج الاختصاري التسهيلي، غير أنها جاءت على تفاوت في هذه الشروح. فالنمري الذي ركز جهوده في الروايات والمعاني كان يتوسع في إيراد المعاني فيورد للبيت الواحد أكثر من تأويل في معناه ولكنه كان لا يستطرد في عمله كما كان يفعل الشراح الآخرون. والمرزوقي بمنهجه الإبداعي الفني كان يحاول جاهدًا أن يوظف سائر العلوم في خدمة النص توظيفًا محكمًا، وقد استطاع أن يحقق ذلك في غلبة عمله، ومع ذلك فقد لاحظاناه يقع في التوسع والاستطراد في أكثر من موضع، ويكفي أن تقرأ عمله في بيتي أبي عطاء السندي اللذين يقول فيهما:

فإن تمس مهجور الفناء فربما أقام به بعد الوفود وفود

فإنك لم تبعد على متعهٍد ... بلى كل من تحت التراب بعيد

<<  <   >  >>