للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن هذا التوسع والاستطراد الذي طرأ على حركة شرح الشعر لدى شراح القرن الرابع الهجري، هو الذي جعل الخطيب التبريزي في النصف الثاني من القرن الخامس يلبي رغبة أحد طالبي علم الأدب في صنع شرح خال من التوسع والاستطراد، ويقول مخاطبا إياه في مقدمته لشرح القصائد العشر: (وذكرت أن الشروح التي لها طالت بإيراد اللغة الكثيرة والاستشهادات عليها، والغرض المقصود منها معرفة الغريب، والمشكل من الإعراب، وإيضاح المعاني، وتصحيح الروايات وتبيينها مع الاستشهادات التي لابد منها من غير تطويل يمل ولا تقصير بالغرض يخل).

غير أن التبريزي وهو يقول هذا الكلام لأحد طلاب عصره، ويدرك حاجة الناس في زمنه إلى ترك التوسع والاستطراد في شرح الشعر لم يسلم من هذه الظاهرة. الحق أنه قد حاول في مواضع كثيرة في شرحه أن يكون مقتصدا منسقا في انتخابه من الشروح التي سبقته، ولكنه مع هذا لم يستطع التخلص من التأثير الذي تسلط عليه من قبل شيوخه الذين درس عليهم أو الشيوخ الذين قرأ أعمالهم وأفاد منها في شروحه.

وهذا الذي قلناه في التبريزي يمكن أن يقال في سائر الشراح ذوي المناهج المختلفة، وبخاصة شراح المنهج الاختصاري التسهيلي الذين أدركوا ما أدركه التبريزي، وعملوا على التخلص مما كان سائدا في شروح الحماسة وغيرها من توسع واستطراد بإثامة منهج يقوم على اختصار عناصر الشرح، وعرضها سهلة ميسرة، فهم أيضًا لم يسلموا من التأثر بهذه الظاهرة، وإن جاء هذا التأثر متفاوتًا، وفي قلة لا تقاس بأصحاب المناهج الأخرى.

ب- طغيان اللغة والنحو في عملية الشرح:

لاشك أن اللغة والنحو من العلوم التي تعين على فهم النص الشعري بل هما أمران مهمان في قراءة النص قراءة صحيحة، من حيث عن القراءة الصحيحة تعد

<<  <   >  >>