فقال له أخوه سوادة: إنك تقوي، قال: ومال الاقواء؟ قال قولك:
ألم تر أن طول الدهر يُسلي ويُنسى مثل ما نسيت جذام
ثم قلت:
وكانوا قومنا فبغوا علينا فسقناهم إلى البلد الشام
فلم يعد للاقواء".
وأما الحكم على الشعراء والمفاضلة بينهم أو بين قصائدهم فقد ضمت المصادر الكثير من آرائهم في هذا الشأن، فأبو عمرو بن العلاء كان يرى في شعر الأعشي العلو والانحدار، ولذا قال عنه: "مثله مثل البازي يضرب كبير الطير وصغيره" ويرى أن نظيره في الإسلام جرير، ونظير النابغة الأخطل، ونظير زهير الفرزدق".
ويسأل خلف الأحمر عن أشعر الناس فيقول:"ما ينتهي إلى واحد يجتمع عليه، كما لا يجتمع على أشجع الناس وأخطب الناس وأجمل الناس، ولكنه مع ذلك كان يعجب بالأعشي ويرى أنه "كان أجمعهم". والمفضل ينقل قول الفرزدق ويعتد به وذلك حين يقول: "امرؤ القيس اشعر الناس"، ويذكر ابن سلام أن أبا عمرو بن العلاء كان يفل خداش بن زهير على لبيد بن ربيعة ويقول في ذلك: "هو أشعر في قريحة الشعر من لبيد، وأبى الناس إلا تقدمه لبيد".
وخلف الأحمر الذي وصفه ابن سلام بأنه أفرس الناس ببيت شعر كان يفضل قصيدة مرواه بن أبي حفصة "طرقتك زائرة فحي خيالها" على قصيدة الأعشى "رحلت سمية غدوة أجمالها" وذلك لأن الأعشى قال في قصيدته: