اتصل بالأخبار وتعلق بالأيام والأنساب، فلم أظفر بما أردت إلا عند أدباء الكتاب كالحسن بن وهب ومحمد بن عبد الملك الزيات".
وهذا الكلام الذي قاله الجاحظ وأثنى عليه الصاحب بن عباد فيما بعد يمكن أن نلحظ غايته في كلام جرى بين أحمد بن يحيى البلاذري وابن الأعرابي أحد علماء الطبقة الثانية فقد قال أحمد بن يحيى: "قرأت على ابن الأعرابي شعر الأعشى، فما بلغت قوله:
لا تشكي إلى من ألم النسـ ـع ولا من حفى ولا من كلال
نقب الخف للسرى ...
قال ابن الأعرابي:"نقب الخف للسرى"، فقلتك أصلحك الله إن تضمين بيتين عيب في الشعر شديد أفيضمن الأعشى مع حذفه وتقدمه ثلاثة أبيات فيقول:
لا تشتكي إلى من ألم النسـ ع ولا من حفى ولا من كلال
نفب الخف للسر وترى الأنسـ ـاع من كل ساعة وارتحال
أثرت في جناجن كإران الـ ميت عولين فوق عوج طوال
فقال ابن الأعرابي، أنت شاعر، فقلت: شاعر كاتب، فقال: منهما علمت، اروه كما رويت نقب الخف".
وفي إدراكنا أن في هذا النص وما سبق من كلام الجاحظ ما يدل على قيام جماعة من الأدباء باتجاه مغاير في شرح الشعر لما سار عليه علماء الطبقة الأولى والثانية وتلاميذهم، وهو اتجاه يمكن أن نسميه بالشرح الأدبي الذي يعالج المعاني ومقاصد الشاعر فيها، ويجعل جل هم في هذا المدار لا يتجاوزه إلى اللغة وما فيها من اشتقاقات أو النحو وما يثار فيه من مشكلات، ولعل أوضح مثل لذلك ما نجده عند