للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذكرنا منهج تحصيلي لا يدل على تخصص صاحبه، وإنما يدل على سعة ثقافته وكثرة اطلاعه وجمعه، ثم انتخابه وتنسيقه، فهو يجمع من كل علم بطرق، ومن كل فن بلمحة، ومن كل تخصص بنبذة، ويوفق بين الجميع توفيقًا تامًا، وينسق بين أجزاء الشرح بانسجام يشعر بالتكامل والرابط، وهو أيضًا منهج تتعادل فيه عناصر الشرح وتتآزر بحيث لا يطغى عنصر على آخر، وإنما توضع هذه العناصر جنبًا إلى جنب، وفي مستوى واحد يكمل بعضها بعضًا.

هذه هي مناهج شراح الشعر الجاهلي، والأسس التي قامت عليها، والصفات التي اتصفت به، حرصنا على أن نوردها كما جاءت في بحث الدكتور العمري ذي المجهود الطيب ولا يعني هذا اننا نوافقه في كل ما جاء فيها، ولكننا أوردناها للاستنارة من جهة، ولندلل من جهة أخرى أنه إذا كان شراح الشعر الجاهلي قد ساروا في أعمالهم وفق هذه المناهج الثلاثة فإن هذه المناهج ليست بالضرورة أن تنطبق على جميع أعمل الشراح في ديوان الحماسة، ذلك لأن الدارس في شرح الحماسة يجب عليه وهو يبحث في مناهج الشراح أن يضع في اعتباره أمورًا عدة أهمها: الغاية التعليمية التي كانت وراء الغلبة المطلقة في شروح الحماسة لا يمكن تجاهله أو التغافل عنه بأية حال من الأحوال، ولقد سبق أن أوضحنا في دراساتنا الممهدة لهذا البحث أنه منذ أن وقع الناس على ديوان الحماسة أصبح قبلة العلماء والمتأدبين، يتخذه العلماء محورًا في الدرس الأدبي، ويتخذه التلاميذ أساسًا في تعلم الأدب، بل أن ديوان الحماسة، بتتبعنا له في مجال الدرس الأدبي، كان المحور الثابت الذي لا يتغير في مختلف العصور حتى عصرنا هذا الحديث.

والذي يتتبع أخبار العلماء أصحاب التخصص في اللغة والأدب يجد ديوان الحماسة ماثلًا لدى أغلبهم في عملية الدرس والتعليم، ففي المدرسة النظامية ببغداد

<<  <   >  >>