للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها - في الخلق، وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام: أحدها أن تكون ضرورية. الثاني: أن تكون حاجية والثالث: أن تكون تحسينية) (١).

وقد خيل لبعض المستشرقين ومن على شاكلتهم، ممن يكتبون عن الإِسلام بروح التعصب وعقلية المتحامل - أن الشريعة الإِسلامية شريعة جامدة صارمة لا يتسع صدرها لمسايرة التطور، ومواجهة ما يجد من أحداث الزمان ذلك أن أساسها الوحي، ومصدرها الأول النصوص الدينية التي لا يملك المسلم إزاءها إلَّا السمع والطاعة ومعنى هذا في نظرهم - أن التكاليف الشرعية تمثل قيودًا وأغلالًا في عنق الإِنسان، وترهق كاهله وهو يمثل في ظل التزامه بها عبدًا مسترقًا مسلوب الإرادة والإختيار (٢).

والحق أنهم يتكلمون بما لا يعلمون ويهرفون بما لا يعرفون وحملهم على ذلك التحامل والتعصب ومقت الإِسلام وأهله إلى جانب جهلهم بمبادئ الإِسلام وتشريعاته السمحة الندية.

وقد رأينا فيما سبق (٣) مدى يسر الإِسلام وسماحته وتجاوبه مع الفطر المستقيمة وحساسيته المرهفة لأحوال أهله ومسارعته في تقديم ما تزول به مشقتهم وعناؤهم. أضف إلى ذلك أن التكاليف الشرعية - التي يصورونها بأنها قيود وأغلال في رقبة الإِنسان المسلم لا يستطيعِ الفكاك منها - منوط بها


(١) الموافقات للشاطبي ٢/ ٤.
(٢) وجوب تطبيق الشريعة الإِسلامية ص ٩١، من البحرث المقدمة لمؤتمر الفقه الإِسلامي بجامعة الإمام ١٤٠٤ هـ.
(٣) انظر: ص ٩٧ "مبحث" يسر الشريعة وسماحتها.

<<  <   >  >>