للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكنه ضميره الذي بين جوانحه ولا يطلع عليه أحد إلَّا الله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. روى البخاري في صحيحه بسنده عن عبد الله بن عتبة قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: (إن أناسًا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن أظهر لنا خيراً، أمناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوء لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة) (١).

هذا:

ولم يقف الإِسلام عند هذا الحد من اليسر والسماحة في هذا الجانب من منهاجه الشامل للحياة، بل عممه في جميع الأحكام سواء أكانت في العبادات أم المعاملات أم في القضاء والشهادات، بل وجد ما هو أصرح في إجراء الأحكام على وفق الظاهر مهما وجدت الملابسات، وتعددت القرائن الدالة على خلاف الحقيقة:

روى مسلم في صحيحه: بسنده عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلاً فقال: لا إله إلَّا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقال لا إله إلَّا الله وقتله؟ " قال: قلت يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح، قال: "أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا، فما زال يكررها علي حتى تمنيت أنِّي أسلمت يومئذ ... الحديث" (٢).


(١) صحيح البخاري ٣/ ١٤٨ كتاب الشهادات باب ٥.
(٢) انظر: صحيح مسلم ١/ ٩٦ كتاب ١، حديث رقم ٩٦، باب ٤١.

<<  <   >  >>