قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: (ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزله الله على رسوله فهو كافر، فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه عدلًا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر فإنه ما من أمة إلَّا وهي تأمر بالعدل، وقد يكون العدل في ديدنها ما رآه أكابرهم. بل كثير من المنتسبين إلى الإِسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله كسواليف "البادية" وكانوا الأمراء المطاعين، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي أن يحكم به دون الكتاب والسنَّة، وهذا هو الكفر، فإن كثيرًا من الناس أسلموا، ولكن لا يحكمون إلَّا بالعادات الجارية التي يأمر بها المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز لهم الحكم إلَّا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار ... لأن الإِنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرًا مرتدًا باتفاق الفقهاء وفي مثل هذا نزل قوله -تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)}، أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله") (١).
وقال ابن قيم الجوزية -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد حكم الطاغوت وتحاكم إليه ... والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا عن عبادة الله إلى