للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)} (١)، يقول: "ينكر تعالى على من خرج على حكمه تعالى المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والإصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يصنعونها بآرائهم وأهوائهم. وكما يحكم به التتار من السياسات المَلَكِيَّة المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم (الياسق) وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى: من اليهودية والنصرانية والملة الإِسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعًا متبعاً يقدمونه على الحكم بالكتاب وسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير" (٢).

وقال ابن الجوزي -رَحِمَهُ اللهُ-: (... وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً له، وهو يعلم أن الله أنزله كما فعلت اليهود، فهو كافر ومن لم يحكم به ميلاً إلى الهوى من غير جحود فهو ظالم فاسق وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: (من جحد ما أنزل الله فقد كفر ومن أقر به ولم يحكم به فهو فاسق وظالم) (٣).

وقد ارتضى هذا المذهب أبو جعفر الطبري في "جامع البيان في تفسير


(١) سورة المائدة: آيتان ٥٠.
(٢) تفسير القرآن العظيم، لإبن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- ٢/ ٦٧ - الطبعة الثالثة ١٣٧٥ هـ - مطابع الإستقامة بالقاهرة.
(٣) انظر: زاد المسير في علم التفسير لإبن الجوزي ٢/ ٣٦٦ - طبع ونشر المكتب الإِسلامي، بيروت دمشق - الطبعة الأَولى.

<<  <   >  >>