للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونسوا القاعدة التوحيدية المتمثلة في "أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (١).

وبذلك صرفوا هذا النوع من العبادة أو جزءًا منه إلى الحكام والولاة ومشايخ الطرق الصوفية والمشعوذين الذين تهيأ لهم الجو بما سيطر على الأمة من جهل وسذاجة.

وقد نسي هؤلاء أو تناسوا: إنه إذا قامت عبادة الله على أساس صحيح من العقيدة والإستقامة والاخلاص لله والصدق معه والخضوع لسلطانه نجحت جميع الآمال وانضبطت جميع الأعمال وأكسبت المجتمع الإعتدال والتوازن، وامتزجت أعمال أفراده بالطابع الديني المطهر للأخلاق، وعبادة هذا شأنها تكون أوسع وأشمل من مجرد إقامة الشعائر التعبدية فقط من صلاة وصوم وحج ... إلخ. وحينئذٍ يتمثل فيها أمران رئيسان:

الأمر الأول:

استقرار معنى العبودية لله في النفس أي استقرار الشعور على أن هناك ربًا يُعْبَدْ وعبدًا يَعْبُدُ {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢)} (٢).

الأمر الثاني:

التوجه إلى الله بكل حركة في الضمير وبكل حركة في الجوارح وبكل


(١) أصل هذه القاعدة ما رواه علي بن أبي طالب -- رضي الله عنه -- قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف"، أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ١٠٥، ١٠٦، كتاب الأحكام باب ٤.
(٢) سورة الزمر: الآيتان ١١، ١٢.

<<  <   >  >>