للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجعل المجتمع المسلم مجتمعًا متلاحمًا متماسكًا وكفلت -أيضًا- حقوق أهل الديانات الأخرى ... وسنقتصر على ذكر بعض فقراتها التي تتصل بهذا الشأن:

جاء في أولها: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: هذا كتاب من محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس ... وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم ... وأن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف أمة من المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ... وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة" وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم ... وأن الله جار لمن بر واتقى) (١).

فهذه الوثيقة تنطق برغبة المسلمين في التعاون الخالص مع يهود المدينة لنشر السكينة في ربوعها، والضرب على أيدي العادين ومدبري الفتن أيا كان دينهم -وقد نصت -بوضوح- على أن حرية الدين مكفولة وكان حقًا على اليهود أن يخشعوا وهم أهل كتاب- إذا وجدوا من يذكرهم بالله -تعالى- لقد جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة فمد يده إليهم مصافحًا وتحمل الأذى منهم مسامحًا حتى إذا رآهم مجمعين على التنكيل به ومحو دينه استدار إليهم وجرت بينه وبينهم الوقائع حتى قطع دابرهم واستأصل شأفتهم من المدينة، ولا غرو: فهم قوم تتوافر فيهم سؤات التدين المصنوع والإحتراف


(١) انظر: البداية والنهاية لإبن كثير ٣/ ٢٢٤، ٢٢٥، طبع مكتبة المعارف - بيروت طبعة أولى ١٩٦٦ م، والأموال، لأبي عبيد القاسم بن سلام ص ٩١.

<<  <   >  >>