للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السمج بالشرائع السماوية وأبرز خلالهم الحقد والنفاق والتمسك بالقشور والولع بالجدل، ومن وراء ذلك قلوب خربة، ونفوس معوجة!! " (١).

وعلى كل حال: بعدما لحق النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى وتتابعت الفتوحات الإِسلامية شرقًا وغربًا عامل المسلمون أهل الكتاب بمثل ما عاملهم به - صلى الله عليه وسلم - من الرفق والسماحة وحرية العقيدة.

يقول الإمام أبو يوسف في كتابه "الخراج":

" ... إنما كان الصلح جرى بين المسلمين وأهل الذمة في أداء الجزية وفتحت المدن على أن لا تهدم بيعهم ولا كنائسهم داخل المدينة ولا خارجها وعلى أن يحقنوا لهم دماءهم وعلى أن يقاتلوا من ناوأهم من عدوهم، ويذبوا عنهم" (٢).

ويروي أبو يوسف أيضًا عن الإمام مكحول الشامي: "أن أبا عبيدة ابن الجراح - رضي الله عنه - صالح أهل الذمة بالشام واشترط عليهم حين دخلها على أن تترك كنائسهم وبيعهم وطلبوا منه أن يجعل لهم يومًا في السنة يخرجون فيه صلبانهم بلا رايات وهو يوم عيدهم الأكبر، فأجابهم إلى ما طلبوا ووفى لهم المسلمون بشرطهم ... " (٣).

وهاك نموذجًا آخر يعتبر وثيقة من أعظم وثائق التاريخ فيه تصوير بارع لواقع سماحة الإِسلام في معاملة غير المسلمين من أهل الذمة والمصالحين


(١) انظر: فقه السيرة: محمد الغزالي، ص ١٩٩، وخلق المسلم له أيضًا ص ٥٤ مطابع قطر الوطنية، الطبعة التاسعة ١٣٩٤ هـ.
(٢) الخراج لأَبي يوسف ص ١٣٨، طبع دار المعرفة - لبنان.
(٣) الخراج لأَبي يوسف ص ١٣٨.

<<  <   >  >>