للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لفرحهم ويعلن بغضه وبراءه لجميع أعداء الله سواء كانوا كفارًا أصليين أم مرتدين أم منافقين وبهذا يكون مسلمًا واعيًا يعرف من يوالي ومن يعادي وماذا يريد الإِسلام منه، وماذا يراد للإسلام من أعدائه!!.

يقول الشهاب القرافي -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:

"إنه يتعين علينا أن نبرهم -أهل الذمة- بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على مودات القلوب ولا تعظيم شعائر الكفر فمتى أدى إلى أحد هذين امتنع وصار من قبيل ما نهى الله عنه في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ...} (١) الآية .. وغيرها من الآيات. فإخلاء المجالس لهم عند قدومهم علينا، والقيام لهم، ونداؤهم بالأسماء العظيمة الموجبة لرفع شان المنادي بها ... ، وتمكينهم من الولايات والتصرف في الأمور الموجبة لقهر من هي عليه كل ذلك ممنوع وحرام. وأما ما أمرنا به من برهم من غير مودة باطنية فالرفق بضعيفهم وسد خلة فقيرهم وإطعام جائعهم وإكساء عاريهم ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة، والدعاء لهم بالهداية، ونصيحتهم في جميع أمورهم في دينهم ودنياهم، وكل خير يحسن من الأعلى مع الأسفل أن يفعله ومن العدو أن يفعله مع عدوه. وينبغي لنا أن نستحضر دائمًا ما جبلوا عليه من بغضنا وتكذيب نبينا وأنهم لو قدروا علينا لاستأصلوا شافتنا واستولوا على دمائنا وأموالنا وأنهم من أشد العصاة لربنا ومالكنا -عَزَّ وَجَلَّ- ونعاملهم بما تقدم ذكره امتثالًا لأمر ربنا وأمر نبينا - صلى الله عليه وسلم - لا محبة فيهم ولا تعظيمًا لهم" (٢).


(١) سورة الممتحنة: آية ١.
(٢) بتصرف من: الفروق، لشهاب الدين القرافي ٣/ ١٣، ١٤.

<<  <   >  >>